أسرار الدول - نحو مفاهيم جديدة أكثر تنويراً

0

تكثر الخواطر في ذهني وتضج ملحة تصدع رأسي بما يحدث الآن هل هو مصير مظلم أم عسر قبيل يسر أم جزاء من جنس العمل لتبقى الإجابة مطاطية يجيب عنها كل أحد حسب هواه وميل نفسه إلى الدنيا، ولكن بافتراض أننا حللنا كل شيء وقدمنا النظرية التي تحكي عن أيدلوجية المجتمع والقيم المنبثقة من قوانينه السياسية ومعاييره الأخلاقية التي أصبحت مجرد حبر على ورق ليس لها من الواقع نصيب، فالقانون قد ارتكب أعظم جناية في تاريخ البشرية وهي التي لايوجد قانون يحاسبه عليها..
تتساءلون عن تلك الجناية التي ارتكبها القانون..
وتبدأ الإجابة في إطار الحديث الشريف الذي يعرفه كل منا "إنه أهلك من كان قبلكم إذاسرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد.."الحديث ، نلحظ ما أغضب الرسول صلى الله عليه وسلم..
ماذا أغضب الرسول صلى الله عليه وسلم؟!
لقد غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهوى، وميل النفوس إلى العفو عند الضعف لا عند المقدرة، هذا ما يبدو في السطح، أما إن تعمقنا قليلاً، فإن مما قد حاربه الإسلام أشد المحاربة وسيظل ذلك الدين باقياً ما بقيت تلك المبادئ السامية، هو أن تتحول الشريعة إلى قانون ..
كيف تتحول الشريعة إلى قانون ؟
إن القانون إجباري التنفيذ، موضوع بأيد بشرية ترعى مصالحها الأنانية لتحقيق معادلة تقييد الضعيف وتحرير الشريف، وحتى تتضح تلك المعادلة، لسنا بحاجة إلى قانوني بارع يوضح لنا كيف يتلاعب بالثغرات القانونية التي هي أصلاً ليست ثغرات بل هي قوانين في حد ذاتها موضوعة احتياطياً للتملص من الحكم بالتجريم على صاحب الجناية الذي يتحول من مجرم إلى بريء في غمضة عين قاضي وضعي أرضي..
أما الشريعة فهي تلك الأطر المنظمة للأحكام والتي تقيد القاضي قبل المتحاكم عن رضا وتسليم وقبول بل حتى تجد المجرم صاحب الجناية هو الذي يتحاكم إليها ويجعل حكمها مهما كان قاسياً كفارة لذنبه ومرضاة لربه..
هنا يتضح الفرق بجلاء، بين الشريعة التي تعضدها العقيدة، وبين القانون الذي تعضده أهواء النفوس وميلها إلى الزيغ والاعوجاج، وأنى لنا أن نقارن بين متباعدين متنافرين، بين علو وسفل، ويسار ويمين؟!
وهنا تبدو الجناية التي أتحدث عنها..
جناية القانون العظمى..
تلك الجناية تتمثل في هؤلاء الذين أصبحوا مجرمين ظلماً وزوراً دون أن يكون لهم من الجناية أي نصيب..
وهؤلاء الذين يصرخون من التعذيب ليلاً تحت أيدي قاسية وقلوب فظة غليظة، تجبرهم على الاعتراف بالزور والبهتان من أجل إثبات نظرية سياسية وضعها أراجوزات كأنهم ساسة لتجبر الناس على المسير قدماً في اتجاه ليس لهم به دراية كأنهم مجرد قطعان من الحيوانات..
جناية القانون أنه سيناريو يضعه مؤلف خيالي يفترض أن يحدث ما يشبه العدل ولكنه ظلم، ويحرف الحقائق ليقيم الملك على اساس الظلم رغم أنه يتشدق بشعار العدل أساس الملك دون أن يلتمس للعدل سبيل..
أي سبيل..
ومن هنا يجب علينا خوض تلك المعركة الصعبة بشجاعة وإقدام..
فإن الإصلاح يبدأ من حيث يتهمك الآخرون بالإفساد..
هم يقصدون أنك تفسد عليهم مصالحهم الشخصية والتي قد وضعوا من أجلها القوانين ليضمنوها ولتستمر دولتهم في الاستمرار، وبالطبع فإنهم لا يفتأون يقتلونك أو يمزقونك حياً إذا ما هددت تلك الوضعيات السفيهة بسيف المعرفة الصادق..
ولذلك تجد في كتب التاريخ دوماً أصحاب العقائد المنحرفة مهما اختلفوا فهم متحدون على محاربة العقيدة المستقيمة الواحدة بنفس الشبهات وبنفس الكلمات حيث تتشابه قلوبهم ولو اختلفت عقولهم..
فالديانات المحرفة والعقائد الوثنية والثيوصوفية والإلحادية واللادينية وكل ما ينبثق من تلك الأمهات تتحد جميعاً على محاربة عقيدة الإسلام التي ارتضاها الله لدنياه ليدين جموع الناس بها في أخراه..
فالإسلام هو الدين الذي وضع أسمى نظام عقائدي في التاريخ والكون كله ينظم حركة الشريعة ويجعلها نابعة من الذات والتي بدورها تصبح مقيدة لأهواء النفوس، فقد جعل الإسلام صلاح القلب هو مبدأ صلاح الجسد، وبصلاح الجسد الفرد تصلح الاسرة وبصلاحها يصلح المجتمع، لذلك لم يحدث أن وضعت أي من الدول دستوراً ينظم القلب قبل الجسد والذي يترتب عليه صلاحاً عاماً طبقاً لسنة الله الكونية إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فتغيير النفوس هو أساس التغيير الحقيقي الشامل وليس سن الإجباريات والأغلال الدستورية على الشعوب وما ينتج عنها من ظلم وضياع حتمي للحقوق من أجل بقاء مصالح واضعي تلك الدساتير..
ومن هنا كان أول ما يدعو إليه الرسل هو العقيدة توحيد الله مصدر الشرائع الصالحة لكل زمان ومكان والذي جعل من بعض البشر يتحدون الله تحدياً سافراً لتعود لحظة انتصار إبليس الأولى على آدم ببث الغرور في النفس، فالغرور يجعل من بعض البشر حمقى يعتقدون بالخلود الحقيقي مهما بدت أمامهم جثث الموتى هامدة، فهم يعتقدون أنهم آلهة ويفنون أعمارهم في مخالفة أمر الله سبحانه وتعالى عما يقولون ويفعلون، فتجدهم يعكفون على مخالفة السنن الكونية، ووضع النظريات الزائفة لتزييف حقائق الكون وبدء الخليقة، وتزييف حقائق الرسل واتهامهم وتحريف شرائعهم من أجل أن تتوافق مع أهوائهم الدنيئة دون أن يراعوا رغبة في الله أو رهبة منه..
هذا هو الحمق الأزلي الأبدي بداخل نفوس البشر، كأن البشرية توارثت تصديق وسوسة إبليس وجنوده وكما قال تعالى "تشابهت قلوبهم"..
وهذه هي نقطة النهاية، التي تختلف بحسب عناد تلك الطائفة التي تكثر وقت ضياع الشرائع وغياب العقيدة، فهي حجة يقيمها دعاة الإصلاح على أولي الفساد تتمثل في الدعوة إلى نبذ مظاهر الشرك والإفساد في الأرض، وعبادة الله بالإعمار والإصلاح والتقرب إليه بعبادات تقوي النفوس، وتضعف الشيطان، والله بيده مقاليد الأرزاق وشئون العباد والمخلوقات ينزل البركات على أهل الأرض فتطيب معايشهم دون صراع.
وقد يكون نصيب الرسل من التوفيق قليل فتجد أكثر القوم متمسكين بظلمهم العظيم وكفرهم وقولهم على الله غير الحق فيرسل الله عليهم عذاباً شديداً لتطهر الأرض من خباثتهم وتولد الحياة من جديد فيعمر القائد المصلح وقلة من أتباعه أرض الله الواسعة حتى تظهر ذرية أخرى تفسد ما صلح وتخرب العمار لتعود السنة من جديد تظهر في الأفاق..
سنة الصراع الأزلي الأبدي بين الخير والشر..
ولن تجد لسنة الله تبديلاً..
وهنا قد نجد إجابة التساؤل في أول المقال..
هل نتجه نحو مصير مظلم؟
أم عسر قبل يسر؟
أم جزاء من جنس العمل؟
والإجابة تتمثل في تلك المفاتيح..
عقيدة - شريعة - دعوة - إصلاح - هلاك المفسدين - بداية جديدة ..
Tags

إرسال تعليق

0تعليقات
* Please Don't Spam Here. All the Comments are Reviewed by Admin.

رأيك مهم لذا لا تبخل بترك تعليقك

رأيك مهم لذا لا تبخل بترك تعليقك

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Accept !) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Learn More
Accept !
To Top