القلب الشاب - مجموعة خريف العمر

0


 

لم أكن أظن يوماً أن يشيب قلبي إذا شاب رأسي، فحينما كنت في ريعان الشباب كنت أخاطر نفسي عن حالي في أرذل العمر، هل سأحتمل العيش بسمع ضعيف أو ببصر كفيف؟!

ولكن مجرد الخاطر كان يزعجني، فما بالي الآن وقد حدث بالفعل ما كنت أخشاه ولا أحتمل مجرد تفكيري فيه، ولكن وقت البلاء يتنزل رزق الصبر والقبول سواء كان قبولاً بالرضا أو بالسخط، لكن الحقيقة تبقى أن الإنسان يضطر كثيراً أن يصبر مرغماً..

أذكر عندما كنت شاباً فتيأً مر بي عجوز مسكين وتوقف عندي وسألني عن أحد محلات السوبر ماركت فقمت بإرشاده للذهاب إلى أقرب محل، وبينما أن أصف له الطريق إذا به يزعق متسائلاً.. أين يقع هذا المحل؟!

فتمعر وجهي ونهرته قائلاً.. ويحك، وماذا كنت أفعل الآن، وغضبت غضباً شديداً فأعرضت عنه حتى جاء رجل من المارة إلينا متسائلاً عن سبب الزعيق فأخبره العجوز بأنه يريد أن يذهب إلى أقرب سوبر ماركت، فأخذه الرجل من يديه ونهرني وقال ستكبر مثله وحينها ستدرك مدى عناء ومشقة الحياة في تلك السن.

أطرقت برأسي أرضاً دون أن أنبث ببنت شفة، والآن يلح علي ذلك المشهد في تكرار ممل أراه نصب عيناي، فعناء الوحدة، واليأس، وانتظار الأجل، وانتهاء جميع الطموحات والأماني والأحلام، هي مشاعر قاتلة تجعل الموت أهون لمثلي من العيش يوماً واحداً بها..

اليوم أدركت أن  شعور القلب يشيب قبل شعر الرأس ..

تمت,,

Tags

إرسال تعليق

0تعليقات
* Please Don't Spam Here. All the Comments are Reviewed by Admin.

رأيك مهم لذا لا تبخل بترك تعليقك

رأيك مهم لذا لا تبخل بترك تعليقك

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Accept !) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Learn More
Accept !
To Top